Loading...
أصبح تقييم المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أكثر ميلاً إلى أن الغارة التي استهدفت قيادة حركة «حماس» في الدوحة، يوم الثلاثاء، قد فشلت.
في تطور يعكس التوترات الداخلية داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، أفادت تقارير إعلامية إسرائيلية وعربية اليوم الخميس 11 سبتمبر 2025 بأن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بما في ذلك الجيش الإسرائيلي (IDF) وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، أصبحت أكثر ميلاً إلى الاعتقاد بفشل الضربة الجوية التي نفذتها إسرائيل يوم الثلاثاء 9 سبتمبر 2025 ضد قادة حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة. يأتي هذا الشك في سياق الجدل المستمر حول نتائج العملية المسماة “قمة النار”، التي أثارت إدانات دولية واسعة وأدت إلى تعليق الوساطة القطرية في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة.خلفية الضربة وتفاصيلها
- التنفيذ: أعلن الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك في بيان مشترك أنهما نفذا “غارة دقيقة” باستخدام ذخائر موجهة بدقة، استهدفت مجمعاً سكنياً في حي “كتارا” الراقي شمال الدوحة، حيث يقيم أعضاء المكتب السياسي لحماس. كان الهدف الرئيسي قادة بارزين مثل خليل الحية (رئيس المكتب السياسي في غزة وكبير المفاوضين)، زاهر جبارين، خالد مشعل، ونزار عوض الله، الذين كانوا يجتمعون لمناقشة مقترح أمريكي لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
- النتائج المعلنة: أسفرت الضربة عن مقتل ستة أشخاص، منهم خمسة فلسطينيين (بما في ذلك همام الحية، نجل خليل الحية، وجهاد لبد مدير مكتبه، وثلاثة مرافقين آخرين)، وعنصر من قوات الأمن الداخلية القطرية (اللخويا) يدعى بدر سعد محمد الحميدي الدوسري. أصيب آخرون، بما في ذلك مدنيون، وفقاً لوزارة الداخلية القطرية. أكدت حماس في بيان رسمي “فشل العدو في اغتيال الإخوة في الوفد التفاوضي”، مؤكدة نجاة القادة الرئيسيين دون إصابات خطيرة.
- الأسباب المحتملة للفشل: أشارت تقارير إلى أن قادة حماس غادروا قاعة الاجتماع لأداء صلاة الظهر قبل دقائق من الضربة، مما أنقذهم. كما كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن تحذيرات مسبقة نقلتها مصر وتركيا إلى حماس خلال الأسابيع السابقة، تحث على تعزيز الإجراءات الأمنية حول الاجتماعات، مما ساهم في إفشال العملية.
الموقف الإسرائيلي الداخلي والتشكيك في النجاحبناءً على تقارير من القناة 12 العبرية وصحيفة “يديعوت أحرونوت”، سادت حالة من التشاؤم داخل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بعد الضربة:
- معارضة داخلية: أفاد محللون عسكريون واستخباراتيون، مثل رونين بيرغمان، بأن مسؤولين كبار في الجيش والشاباك عارضوا توقيت العملية، معتبرين إياها مخاطرة عالية قد تعرقل المفاوضات وتزيد من عزلة إسرائيل دولياً. كما ذكرت “التايمز أوف إسرائيل” أن مسؤولين إسرائيليين يشككون في نجاح الضربة، مشيرين إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة كانتا قد وعدتا قطر بعدم استهداف حماس داخل أراضيها.
- تصاعد المؤشرات نحو الفشل: أكدت القناة 12 أن “المؤشرات تتصاعد بفشل اغتيال قادة حماس”، مع توقعات بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لن يعترف علناً بالفشل، لكنه قد يواجه انتقادات داخلية حادة من الائتلاف الحاكم والمعارضة. وصف المحللون العملية بأنها “فاشلة ولن تخضع حماس”، مما أثار اتهامات لنتنياهو بالتهور وتصفية الحسابات الشخصية.
- الردود الرسمية: نفت إسرائيل أي نية اعتداء على قطر، لكن وزير الدفاع يسرائيل كاتس أكد أن “يدنا ستطال قادة حماس في كل مكان”، مشدداً على أن “القيادة الحمساوية ستدفع الثمن”. كما قال السفير الإسرائيلي في واشنطن إن “إذا أخطأت الضربة أهدافاً، فستصيبها المرة المقبلة”. ومع ذلك، أعرب الرئيس السابق للمخابرات عاموس يادلين عن استيائه، معتبراً أن العملية تعيق إنهاء الحرب وإعادة الرهائن.
الردود الدولية والإقليمية
- قطر: أدانت الدوحة الضربة بشدة، واصفة إياها بـ”الإرهاب الدولي” وانتهاك للسيادة، وأعلنت تعليق الوساطة في المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس. كما شكلت لجنة قانونية لملاحقة إسرائيل دولياً، كما أفادت وزارة الخارجية القطرية في بيانها اليوم.
- الولايات المتحدة: أعرب الرئيس دونالد ترامب عن “استيائه الشديد” من الضربة، واصفاً إياها بـ”المتهورة” وغير المنسقة، رغم تأكيده على أهمية القضاء على حماس. أكدت البيت الأبيض أنها “لا تخدم أهداف إسرائيل أو أمريكا”.
- حماس والفصائل الفلسطينية: أكدت الحركة نجاة قادتها، ودعت الفصائل إلى “انتفاضة” ضد “الكيان الخطر على البشرية”. نشرت حماس صور القتلى ووصفت الضربة بـ”الجريمة الشنيعة”.
- دول أخرى: أدانت روسيا، مصر، تركيا، والدول الخليجية الضربة، مع دعوات من الأمم المتحدة لتحقيق دولي. أما الاتحاد الأوروبي، فقد عبر عن قلقه من تأثيرها على الاستقرار الإقليمي.
التأثيرات المتوقعة
- على المفاوضات: أدى الفشل إلى تعقيد الجهود لوقف إطلاق النار في غزة، حيث أسفرت الحرب عن مقتل أكثر من 64,600 فلسطيني، وفقاً لوزارة الصحة في غزة. قد يؤدي إلى توقف تبادل الأسرى (48 رهينة إسرائيلياً باقين).
- داخل إسرائيل: يزيد الشك في النجاح من الضغط على نتنياهو، مع مخاوف من تصعيد داخلي وانقسامات في الائتلاف الحاكم.
- إقليمياً: يعزز التوتر مع قطر وحلفائها، وقد يدفع إلى تعزيز الشراكات الخليجية-الروسية، كما في الحوار الخليجي-الروسي الجاري في سوتشي اليوم. كما يثير مخاوف من ردود حماسية أو إيرانية.
من المتوقع أن تصدر تحقيقات إضافية من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية خلال الأيام القادمة، بينما تستمر الإجراءات القانونية القطرية. هذا الحدث يبرز التحديات في استراتيجية إسرائيل الأمنية، ويؤكد على هشاشة التوازنات الإقليمية في ظل الحروب الجارية.




